عانت الامة الاسلامية لعهود طويلة من التخلف والانحطاط نتيجة لبعدها عن الدين وعدم اكتراثها
باعمار الدنيا وفق منهج الله وانغماسها فى سفاسف الامور ومهاوى الفساد
وكانت المراة المسلمة اكثر من دفع الضريبة هذا التردى الفكرى والاجتماعى وعندما بدات هذه الامة
تستيقظ من غفلتها ظهر رجال اغيار مصلحون تصدوا لما لحق المراة من ظلم واضطهاد وكان على راسهم
الشيخ الجليل محمد الغزالى متحملا فى ذلك حربا من جهتين متناقضتين جنحت احداهما نحو
الافراط والاخرى نحو التفريط وكان الشيخ رافضا لان تكون قضية المراة كبندول الساعة الى اقصى
اليمين تارة والى اقصى اليسار تارة اخرى ولا تستقر عند الحد الوسط الذى يطلبه الاسلام فقال
قولته البليغة اننا لانريد ان ننقل المراة من عهد الحريم الى عهد الحرام
وقد بدات رحلة دفاع الغزالى عن المراة مع اول مؤلفاته فى بداية الخمسينات من هنا نعلم وحتى
اواخر التفسير الموضوعى لسور القران الكريم فى التسعينات وما بين المؤلفين عقود طويلة دافع فيها
عن المراة فكرا ولسانا وقلما بما لم يدافع به عنها اى مصلح او داعية
ومن هنا كان احتفاءنا بذكرى رحيل الشيخ الجليل الذى عاش حياته مناصرا للاسلام وداعيا الى الله
بالكلمة والراى والموقف الجرىء لم يتوان خلال عمره الذى امتد من 22 من سبتمبر 1917 حتى
يوم رحيله 9 من مارس 1996عن العمل لدينه بكل ما اوتى من قوة الف خلاله 75 كتابا بالاضافة
الى مجموعة كبيرة من المقالات النادرة التى نشرها فضيلته مجمعة فى عدد من الكتب
حفظ الشيخ القران وهو فى سن العاشرة وانهى دراسته بالمعهد الازهرى بالاسكندرية عام 1938 ميلادى
والتحق بكلية اصول الدين بجامعة الازهر وتخرج عام 1941 ثم اكمل دراسته العليا فحصل
على العالمية مع اجازة الدعوة والارشاد واختير اماما وخطيبا بمسجد العتبة الخضراء بالقاهرة
وعمل بوزارة الاوقاف المصرية حتى وصل الى منصب وكيل الوزارة لشئون الدعوة الاسلامية
وعمل استاذا بالازهر واستاذا زائرنا بمعظم الجامعات العربية والاسلامية
وبعد خمسة عشر عاما من رحيل شيخنا الكبير والعلامة الذى تزهو به امتنا نستشعر فراغا
وفجوة فى مجال الدعوة والفهم الوسطى لقضية المراة فندعو بالرحمة لهذا العقل الفذ
ونسال الله ان يجود علينا بغزالى جديد