هناك أماكن قليلة في العالم تعيش فيها الببغاوات الواقعة جنوب دولة (( البيرو )) في أميركا الجنوبية ، وهي جزء من غابات حوض الأمازون الواسعة.
وفي كل صباح تتدفق الآلاف من ببغاوات (( المكاو )) الجميلة متعددة الألوان إلى ضفة نهر (( مانو )) حيث يقصد هذا المكان من يحبون مشاهدة الطيور للتمتع بمنظرها الجميل ، والسؤال لماذا تأتي هذه الطيور إلى ضفة هذا النهر ؟
إن الإجابة على هذا السؤال مدهشة جداً ، فهي تأتي لتأكل الطين من ضفة النهر !! رغم أن وجبتها الأساسية هي ثمار الغابة الإستوائية.
وهذه الببغاوات لا تأكل أي نوع من الطين ، وإنما تبحث بعناية عن طبقة معينة منه حيث توجد على ضفة النهر لتأكل منها قليلاً كل صباح.
إن فكرة أكل الطين بالنسبة لنا نحن البشر أمر مرفوض ومقزز ، ولكنه عند بعض الحيوانات والطيور أمر شائع ، وقد اهتم أحد العلماء بدراسة (( ببغاء المكاو )) لمعرفة سبب تناوله لهذا النوع المعين من الطين ، وافترض أن هذا الببغاء يبحث عن نوع من الأملاح المعدنية موجود في هذا الطين وغير موجود في الثمار التي يتناولها ولكنه وجد أن هذا الإفتراض غير صحيح ، فلا توجد أملاح معدنية في هذا الطين وغير موجودة في الثمار ، وافترض أيضاً أن هذا النوع من الببغاوات مثل بعض الطيور الأخرى أي مثل النعامة فهي تبتلع بعض الحصى الصلب والرمل الخشن ليساعدها في هضم طعامها ، ولكن هذا أيضاً غير صحيح بالنسبة لـ (( الببغاء المكاو )) فالطبقة التي يأكل منها تحتوي على طين ناعم جداً ليس به أي حصى أو رمل.
وأخيراً بعد دراسة عميقة اكتشف العالم تفسير هذا الأمر. تُرى ما هو ؟
إن هذا الببغاء يتناول كثيراً من ثمار أشجار الغابة مثله مثل كثير من الطيور والحيوانات الموجودة بها ، ولكن هذه الحيوانات تأكل الثمرة وتبتلع نواتها كاملة فتنزل مع فضلاتها مما يساعد على نشر هذه البذور وزيادة عدد الأشجار.
أما (( ببغاء المكاو )) فله منقار قوي جداً ، وفكان قويان أيضاً ، ولذلك فهو يكسر البذرة مهما كانت صلبة ، ويأكل ما بداخلها ، وهذا الجزء الداخلي يحتوي على مواد كيميائية شبه قلوية تجعلها مُرَّة الطعم وأحياناً سامة.
إذا كيف يعيش هذا الببغاء وهو يأكل هذه المواد القلوية السامة ؟
فكَّر العالِم أن الطين لابد أن له علاقة بحل هذه المشكلة ، وبعد دراسة تأكد أن هناك علاقة ، فالشحنات الكهربائية السالبة الموجودة في جزيئات الطين تبطل مفعول المواد السامة في البذور.
ولكي يختبر صحة ذلك قام بتجربة بسيطة ، أعطى ثمانية ببغاوات أقراصاً تحتوي على المواد نفسها الموجودة في البذور ، وأعطى ثمانية ببغاوات أخرى الأقراص نفسها ، ومعها كمية من الطين ، ثم أخذ عينات من دماء المجموعتين لقياس السم الموجود في كل مجموعة ، فوجده موجوداً فقط في دماء المجموعة الأولى ، أما المجموعة الثانية التي تناولت الطين فليس في دمائها سم.
إذاً فالله سبحانه وتعالى ألهم هذه (( الببغاوات )) أن تتجه إلى هذا النهر لتأكل كمية قليلة من الطين ، لكي تمنع المواد الضارة التي في البذور من أن تسبب لها الضارة التي في البذور من أن تسبب لها آلاماً في معدتها أو تسمماً في أجسامنا ، وهكذا انكشف سر تناول الببغاء الجميل لطين النهر.
أتمنى لكم قراءة ممتعة ومفيدة ،،