وفي القلب منه الشباب المثقف إلا رفضا لتدهور أوضاع المصريين وتدني ظروفهم
المعيشية وتخلف بلدهم المزري وشيوع الظلم ـ فإن قطاعا من المصريين مازال يتعاطف مع
الرئيس المخلوع ويدافع عنه رغم جرائمه وخطاياه المعلنة والمؤكدة في حق الشعب, وهو
موقف يتعارض مع منطق الأشياء والواقع البائس الذي يعيشه المصريون, وفي تفسير هذا
الموقف الشاذ يري كثيرون من المحللين وخبراء الاجتماع السياسي والطب النفسي أن
أنصار الرئيس السابق الشهير بالكنز الاستراتيجي لإسرائيل ينتمون الي أربع
فئات.
اما الأولي فهي أولئك الذين يخرجون في مظاهرات التأييد والهتاف له وهم
يرفعون صوره ويطالبون في جرأة مقيتة بعدم محاكمته ويجهرون بعدائهم للثورة! ومعظمهم
مأجورون يدفع لهم بعض رجال الأعمال المنتمين الي الحزب الوطني المنحل الكثير بهدف
اثارة الفتنة والقلاقل والاعتداء علي أنصار الثورة وأهالي الشهداء في محاولة رخيصة
لدعم فكرة النظام البائد: إما نحن وإما الفوضي, وأما الفئة الثانية فهم يعانون من
عقدة أو مرض استكهولمStockholmSyadrome الذي اكتشفه الطبيب النفسي السويدي نيلز
بيجرز وهو مرض نفسي يصيب نحو25% من الذين يتعرضون للاضطهاد والظلم بحيث يتوحدون ـ
لا شعوريا ـ مع من يضطهدهم ويصادر حقوقهم الانسانية فيتعاطفون معه ويدافعون عنه!!..
أما الفئة الثالثة فهم أولئك الذين يطلق عليهم حزب الكنبة, وهم الذين لا يبغون من
الحياة سوي راحة البال والعيش في هدوء واستقرار لا يهمهم سوي مصالحهم الشخصية
الضيقة, ولا يعنيهم كثيرا غياب الديمقراطية والحرية والعدل في بلدهم,ماداموا ينعمون
بحياتهم الشخصية في عوالم بعيدة عن واقع المجتمع المصري الذي يئن من الظلم والقهر
والاستبداد, وأما الفئة الرابعة فهم أولئك الذين يدركون حقيقة ما ارتكبه مبارك من
جرائم في حق مصر, وهم يؤيدون الثورة, ولكنهم يتعاطفون معه بحكم كبر سنه ومرضه,
ولكنهم ينسون مقولة الشيخ الشعراوي رحمه الله: إننا يجب ألا ننظر الي شخص المجرم,
ولكن ننظر الي بشاعة الجريمة التي ارتكبها, وهم ينسون أن مبارك لم يلن قلبه يوما
تجاه آلاف الضحايا من شعبه في المعتقلات وأقسام الشرطة وأقباء أمن الدولة! ولم تهتز
مشاعره لحظة تجاه الملايين الذين يعيشون حياة متدنية في العشوائيات في ظل ظروف لا
آدمية, وظللنا ثلاثين سنة نتوسل إليه أن يعين نائبا له فكان رده المتعالي والمتغرطس
انه لا يجد شخصا يثق فيه في مصر ليكون نائبا له!! ظللنا ثلاثة عقود نستجديه حقنا في
اختيار رئيسنا, وتفعيل الديمقراطية من خلال تعديل المادتين77,76 في الدستور ولكنه
أغلق عقله وقلبه وتهكم علينا وأصر علي احتكار السلطة وتزوير الاستفتاءات الهزلية,
وجعل كل المناصب القيادية في الدولة بالتعيين بدلا من الانتخاب ليضمن ولاء أصحابها
له وليس لمصر!!
لقد حنث مبارك في قسمه أمام مجلس نواب الشعب بأن يحافظ علي
النظام الجمهوري, وأن يرعي مصالح الشعب رعاية كاملة فإذا به يخطط لتحويل الدولة الي
نظام ملكي بسعيه الدءوب مع زوجته لتوريث ابنهما السلطة, ولم يرع مصالح شعبه فضيعها
بإفساد أسرته وحاشيته, فكيف وبأي منطق يتعاطف أي مواطن مصري مع هذا الحاكم الذي
حزنت عليه إسرائيل يوم محاكمته؟!